ارتفعت صادرات النفط من السودان رغم الخلاف المستعر بين قوات الدعم السريع شبه العسكرية والجيش النظامي للبلاد، حيث ظل إنتاج الخام من جنوب
السودان الذي يملأ خط الأنابيب مستقراً.
وفقاً لبيانات السفن التي جمعتها بلومبرغ، لامست الشحنات في
ميناء بورتسودان أعلى مستوياتها منذ عامين تقريباً في مايو الماضي بواقع 154839
برميلاً يومياً، مقارنة بـ77419 خلال مارس الماضي.
يأتي هذا الارتفاع رغم اندلاع الصراع في أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى نزوح قرابة 4 ملايين شخص، وتغلغل أزمة الغذاء في جميع
أنحاء الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.
تضررت صادرات النفط في أحوال كثيرة نتيجة الصراعات الأهلية في
أفريقيا والشرق الأوسط، وامتد تأثيرها من ليبيا إلى اليمن. يعتمد جنوب السودان
-الذي استقل عن السودان في عام 2011- على خطوط الأنابيب التي تعبر الدولة المجاورة
لنقل الخام مسافة تزيد عن 1500 كيلومتر (932 ميلاً) من حقوله إلى ناقلات النفط في
البحر الأحمر.
تتقاسم الدولتان عائدات الشحنات الأساسية بالنسبة لهما، بعدما
استقر معدل الشحنات عند 140 ألف برميل يومياً أو أكثر خلال الأشهر الثلاثة
الماضية. وأظهرت البيانات شحن 148387 برميلاً يومياً من ميناء بورتسودان في يوليو
الماضي.
جوناس هورنر، الذي يعمل كمحلل بيانات مستقل، يرى أن التهديد
بالثأر من جنوب السودان بسبب الجماعات التي تقاتل جيش الشمال، قد يؤدي إلى زيادة الحرص
على تأمين البنية التحتية.
وتابع: "بسبب اعتماد إدارة جوبا (عاصمة جنوب السودان) على
النفط في 95% من دخل الدولة؛ فإنها مستعدة لخوض الحرب بلا شك من أجل الحفاظ على
سلامة خط أنابيها". وهذا قد يضيف أطرافاً أخرى للنزاع، ويفاقم خطر اندلاع حرب
إقليمية طاحنة.
تمكن جنوب السودان من تعزيز إنتاج النفط إلى حد ما خلال الأشهر
الثلاثة التالية لاندلاع الاشتباكات. واستمرت تدفقات النفط الأكثر غزارة من شركة
"دار للعمليات البترولية"، التي تمتلك مؤسسة البترول الوطنية الصينية
حصة تعادل 41% منها و"بتروناس" الماليزية 40%، بإنتاج يفوق 100 ألف
برميل يومياً منذ بداية العام وحتى الآن، وفقاً لبيانات وزارة النفط.
أما شركة "غريتر بايونير للتشغيل"، التي تركز على
مناطق أخرى وتستثمر فيها مؤسسة البترول الوطنية الصينية و"بتروناس"
و"أويل آند ناتشورال غاز" الهندية، فتقلب إنتاجها في نطاق يتراوح بين 20
إلى 60 ألف برميل يومياً، كان تأثير الصراع المستعر في البلاد طفيفاً، رغم تباطؤ سلسلة
التوريد الخاصة بالشاحنات التي تعيد المعدات إلى آبار النفط.
قبل اندلاع الحرب الأهلية في 2013، كان جنوب السودان يضخ 350
ألف برميل يومياً، كما تعرضت الدولة لعدة تحديات بما في ذلك استنفاد الآبار، ما
يجعل العودة إلى هذا المستوى أمراً مستبعداً. وسيكون الاعتماد على خط أنابيب
السودان على المدى الطويل محفوفاً بالمخاطر.
قال إدموند ياقاني، المدير التنفيذي لمجموعة "تمكين
المجتمع من أجل التقدم"، وهي منظمة مجتمع مدني، في تصريحات هاتفية من جوبا:
"يجب على حكومة جنوب السودان العثور على طرق بديلة لتصدير النفط إلى الأسواق
عبر شرق أفريقيا، أو إثبات عزمها الحقيقي على نزع فتيل الخلاف السياسي بين الأطراف
المتناحرة في السودان".
واختتم
إن عائدات النفط أساسية لضمان الانتقال الآمن للسلطة مع اقتراب الانتخابات في جنوب
السودان، حيث يحتاج ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان بالفعل إلى مساعدات إنسانية في
ظل ظروف الفقر والعنف المجتمعي والكوارث الطبيعية.