الملك التاريخي "تهراقا" يتجول في متحف الخرطوم بعد 3 آلاف عام من وفاته
بعد مرور نحو ثلاثة آلاف عام على وفاته ستتاح للسودانيين، فرصة مشاهدة الاثار السودانية, ورؤية الملك التاريخي لبلادهم تهراقا وهو يتجول داخل المتحف القومي في العاصمة الخرطوم. ووفقا لبيان صادر عن إدارة متحف الاثار، فستجرى السبت مراسم تحريك تمثال الملك تهراقا من موقعه القديم عند مدخل المتحف إلى موقع جديد داخل المتحف كجزء من أعمال التجديد المستمرة التي يشهدها المتحف.
وتهراقا هو خامس ملوك السودان وشكل إلى جانب ابيه بعانخي أبرز حكام مملكة كوش التي تعتبر إحدى أقدم الحضارات العالمية. وامتدت فترة حكم تهراقا بين عامي 690 إلى 664 قبل الميلاد. وخلال فترة حكمه بنيت العديد من آثار السودان الحالية؛ من بينها مجموعة الأعمدة التي أقيمت في الساحة الكبيرة في معبد آمون العظيم بالكرنك، والتي لم يبق منها سوى عمود واحد فقط.
وتأتي الخطوة ضمن خطة تطوير عامة لمتاحف السودان تنفذها الهيئة العامة للآثار والمتاحف بمشاركة “اليونسكو" وعدد من الوكالات الدولية وشركات القطاع الخاص. وتهدف الخطة إلى الحفاظ على آثار حضارات السودان القديمة ومن أهمها حضارة كوش التي ارتبطت بأسرة تهراقا.
وتقع الحضارة الكوشية التي يعود تاريخها إلى أكثر من 5 آلاف عام في قلب منطقة النوبة الممتدة من شمال مدينة كرمة على طول نحو 500 كيلومترا جنوبا. وكانت منطقة كوش من أقدم الحضارات العالمية التي عرفت نظام الحكم بشكله الحديث الحالي، وعرفت قبل 5 آلاف سنة بالدولة القوية؛ واشتهرت كمركز ثقافي وعسكري رئيسي.
ويعتقد على نطاق واسع أن المواقع الأثرية الحالية لحضارة كوش تضم آثارا لها أهمية تاريخية كبيرة، إضافة إلى ثروات ضخمة من الذهب والعاج والنحاس واللبان وخشب الأبنوس والفخار. لكن التوسعات الزراعية والسكانية التي شهدتها المنطقة خلال العقود الأخيرة شكلت مهددا حقيقيا لآثار وثروات تقدر قيمتها الفعلية بمليارات الدولارات، ويمكن أن تجعل من المنطقة إحدى أهم الوجهات السياحية في العالم.
وتتزامن خطوة تحريك تمثال تهراقا مع مخاوف كبيرة من المخاطر التي تواجه آثار حضارة "كوش" في شمال السودان والتي تعتبر واحدة من أقدم الحضارات في العالم؛ حيث تتعرض الكثير من المواقع الأثرية في المنطقة للتخريب بفعل عوامل بشرية وطبيعية.
واعتبر يحي فضل استاذ التاريخ في الجامعات السودانية أن تضافر العوامل الطبيعية والبشرية يشكل خطرا حقيقيا على آثار الحضارة الكوشية، ويوضح لموقع سكاي نيوز عربية "أضرت عوامل الطقس والزحف الصحراوي والتوسع السكاني والزراعي بالكثير من المواقع الأثرية المحيطة بمنطقة كرمة التي كانت مركزا لحضارة كوش في شمال السودان".ويرى فضل أن من الضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات فنية وإدارية سريعة للحفاظ على هذه الحضارة التي تعتبر واحدة من أهم الحضارات الإنسانية في العالم.