الأربعاء، 8 أكتوبر 2025

مسارات صعود وهبوط الخطوط الجوية السودانية

 

الخطوط الجوية السودانية


مسارات صعود وهبوط الخطوط الجوية السودانية


في إطار اهتمام الباحث الأكاديمي في شؤون الطيران المدني، الدكتور علاء الدين أبو العاص، بتوثيق مسارات تطور النقل الجوي في السودان، طُلب إعداد مبحث تاريخي يتناول مسيرة الناقل الوطني سودانير، وما شهدته من صعود باهر ثم انحدار متسارع. تعكس هذه الورقة قراءة تحليلية لمسار الناقل الوطني عبر محطاته التاريخية، بدءاً من البدايات القوية في خمسينيات القرن الماضي، مروراً بمرحلة النمو والازدهار، ثم التحولات السياسية والاقتصادية التي قادت إلى الانهيار، وصولاً إلى محاولات الشراكة الخارجية الفاشلة التي مثلت نقطة “الانكسار” الحقيقية.


تأسست الخطوط الجوية السودانية في مناخ سياسي واقتصادي مشجع، وعززت مكانتها عبر شراكتها الأولى مع شركة إيرويرك البريطانية تحت اسم “سفريات الشمس المشرقة”. وقد شكلت تلك المرحلة اللبنات الأولى لنهضة النقل الجوي السوداني، إذ امتلكت سودانير أسطولاً حديثاً ضم طائرات فيسكاونت وكوميت البريطانية، إضافة إلى دوغلاس دي سي 3 ودي سي 4 الأميركية، ثم تلتها صفقة الطائرات الهولندية فوكر قبل دخولها عصر البوينج.

لقد لعبت الظروف الاقتصادية المواتية آنذاك، وفي مقدمتها عائدات صادرات القطن وارتباط السودان بالاقتصاد العالمي، دوراً محورياً في تمكين الناقل الوطني من مواكبة أحدث ما أنتجته مصانع الطائرات، ما عزز مكانته الإقليمية وسمعته الدولية.


عند البحث في بدايات الانحدار، فإن المقاطعة الاقتصادية الغربية التي فُرضت في النصف الثاني من التسعينيات لا تمثل نقطة البداية الوحيدة. فالانهيار الاقتصادي الداخلي سبقها بسنوات، إذ شهد السودان تدهوراً حاداً في قيمة الجنيه السوداني، وتفاقم معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة. هذا التآكل في القوة الشرائية للعملة انعكس مباشرة على تكلفة التشغيل، وصيانة الأسطول، والتعامل مع الأسواق العالمية.


مع دخول المقاطعة الغربية حيّز التنفيذ، تضاعفت الأزمة. فقد أدى انهيار النظام المصرفي إلى صعوبة فتح الاعتمادات المستندية، وغياب القنوات المالية السليمة للتعامل مع الموردين والممولين. كما أن إدخال طائرات الإيرباص 300 و310 لم يدم طويلاً، إذ سُحبت الطائرات سريعاً من قبل البنوك الممولة نتيجة عجز الشركة عن الوفاء بالالتزامات المالية.

SHARE

Author: verified_user

0 Comments: